الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017

جرائم زنا المحارم في عالمنا العربي : الأسباب والحلول Crimes D'inceste



هي قضيَة أفضل ما يمكن أن يكتب قبل الحديث عنها هو ما نزَله في القرآن الكريم عند قوله عز وجلَ في سورة النَساء (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ) ليبيَن الله لنا ما يحرم من النَسب وهي روابط رحميَة قدَستها السماء قبل الأرض  فلا يوجد أرقى من علاقة الأم بإبنها أو الأب بإبنته أو الأخ بأخته والخال بإبنة أخته إلخ ..إلاَ أنَ هذا الزَمان الذي أقلَ ما يقال عنه أنَه زمن العجائب تفشَت فيه ظاهرة شنيعة تطال القيم الأخلاقيَة والدينيَة ألا وهي زنا المحارم حيث عاد هذا النَوع من الجرائم ليطفو من جديد على سطح الأحداث اليوميَة التي تحدث بواقعنا ، هي سلوكيات حرَمها الله والقانون لما يمكن أن تجلبه للفرد والمجتمع من عواقب وخيمة وحالات مأساويَة قادرة على تحطيم مجتمع بأكمله فما هو زنا المحارم ، أسبابه وطرق التَصدي لمثل هذه الظَواهر الشاذَة في المجتمع ؟


تصدَرت جرائم الإغتصاب والحمل الناتج عن زنا المحارم في تونس وفي العالم العربي أيضا عناوين الجرائد الورقيَة والإلكترونيَة ومختلف الوسائل الإعلاميَة فاليوم لم يعد من الغريب أن تسمع بأب يغتصب إبنته أو أخ يعاشر أخته معاشرة الأزواج والعياذ بالله ، علاقات شنيعة غالبا ما ينتج عنها حمل غير مرغوب فيه ضحيَتها أرواح صغيرة (أطفال رضَع ) تموت قبل أن تعيش أو تلقى في أماكن مهجورة بهدف التخلَص من الفضيحة وإخفاء آثار مثل هذه الجرائم كما يؤكَد مختص في أحد المستشفيات الخاصَة أنَ زنا المحارم له علاقة أيضا  بظاهرة الأمهات العازبات  .

فصحيح أنَ جرائم كثيرة خرجت إلى العلن وتلقَى أصحابها العقوبات التي يستحقونها حيث وصلت بعض الأحكام إلى السَجن مدى الحياة والإعدام (الذي لا ينفذَ ) إلاَ أنَ عدد ضحايا زنا المحارم الذين يعيشون في صمت وعذاب مستمر خوفا من الفضيحة أكثر بكثير من الحالات التي تم التفطَن إليها فحسب مختص في علم النفس نادرا ما يقع الإعتراف بممارسة زنا المحارم وأنَ أغلب القصص التي وصلت إلى مسامع القضاء والرأي العام إكتشفت بالصدَفة أمَا باقي القصص فتبقى جراحات دامية في قلوب ضحايا مثل هذه الممارسات .

وفي نفس السياق وحسب معلومات ثابتة أعلن عنها رئيس قسم الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي "إبن باديس " في مدينة قسطنطينيَة بالجزائر فإنَ 50 % من ضحايا الإغتصاب المسجلَة بالمستشفى المذكور ناتجة عن جرائم زنا المحارم هذه النَسب لا تختلف عن التي تم تسجيلها في تونس مع الأخذ بعين الإعتبار الحالات المتخفيَة برداء الصَمت خوفا من الفضيحة والمجتمع .

أسباب إنتشار زنا المحارم.


يلتقي كلَ من أطبَاء علم النَفس وخبراء اللإجتماع وحتَى علماء الفقه، العقيدة والشريعة الإسلاميَة عند نفس النَقاط التي تشمل الأسباب التي تقف وراء تفشَي ظاهرة زنا المحارم أهمَها:
  • غياب الوازع الديني : النَاتج عن الجهل بتعاليم الله وشرعه و ضعف التربية الدينيَة والأخلاقيَة داخل الأسرة العائد إلى غياب المستوى الفكري والعقائدي السليم عند الأولياء .
  • القنوات الجنسيَة والبرامج الهابطة والمنحطة التي تفتك بالفطرة السليمة وتدمَر الفرد أخلاقيَا ودينياَ فتبيح له المحرَمات والمحظورات وتجعل من الشَهوة فوق كل الإعتبارات خاصَة وأنَ أغلب البرامج الشَبابيَة الحاليَة تدعو إلى الرذيلة وتحارب الفضيلة لتحصَل أكبر نسبة مشاهدة على حساب الأخلاق والمبادئ السَامية.
  • سهولة الولوج إلى المواقع الإباحيَة المحفَزة للغرائز وهو أمر خطير للغاية .
  • الإهمال والإنشغال الدائم على الأطفال وتركهم مع أشخاص ليسوا محل ثقة حتى وإن كانوا من الأقارب كالخال الأخ الأكبر ...
  • جلساء السوء
  • معاقرة الخمر وتعاطي المخدرات المذهبة للعقل والوعي فتقتل غريزة الحب الأبوي لتحل محلها غريزة حيوانيَة قذرة لا تميز بين الصحيح والخطأ وبين الحلال و الحرام .
  • غياب قيم الإحترام والتقدير بين أفراد الأسرة كعدم إلتزام المرأة باللباس المحتشم أمام المحارم (الأب ، الأخ ، الخال ، العم ...إلخ ) ...
الحلول الممكنة
  • من العوامل التي تستوجب المراجعة الجديَة في مجتمعنا العربي عموما والتونسي بشكل خاص هو الجانب الأخلاقي والديني لذلك فإنَ أفضل طريقة لحماية الأجيال القادمة من هذه الآفة الإجتماعيَة الشنيعة هي تكثيف الحملات التوعويَة والدعويَة لتثبيت القيم النبيلة والأخلاق الحميدة في الطفل منذ الصغر كإدماج برامج تربويَة وتعليميَة يقع فيها الإستشهاد بآيات وسور قرآنيَة تكشف أهميَة صلة الرحم وقداسة العلاقة الطاهرة التي تجمع بين المحارم والتي لا يجب عن تخرج على الفطرة السليمة .
  • حملات توعية وتثقيف حول طرق التعامل مع الطفل داخل الأسرة وجعله في منأى عن عالم الكبار المدجج بالعقد والحكايات والمواقف اللاأخلاقيَة وذلك بحجب المواقع الشاذة والمخلة بالأخلاق عن الأطفال إتخاذ التدابير الوقائيَة اللازمة بالمنزل كتنزيل نظام مراقبة على الحاسوب العائلي يمنع الأطفال والمراهقين من الولوج إلى المواقع المحظورة والمشبوهة وترشيد إستهلاك الشبكة العنكبوتيَة.
  • المداومة على الأذكار والإلتزام بالصَلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
  • إصدار قوانين ردعيَة صارمة في حق كل من يتعاطى المخدرات بمختلف أصنافها
  • حظر بيع الكحول  ومنع المجاهرة بالجلسات الخمريَة خاصَة بالأماكن العامة والتي يمكن أن يتواجد فيها الأطفال والمراهقين (البحر ، الشارع العمومي ، المنتزهات ...)
  • تطبيق أحكام الإعدام في حق كل من تسوَل له نفسه إغتصاب إبنته أو أخته إلخ.
ورغم أنَ جميع هذه النَقاط تلعب دورا هامَا في القضاء على ظاهرة زنا المحارم أو التقليل منها على الأقل إلاَ أنَ التقصير لا ينبع من الأسرة أو الأشخاص الذين يرتكبونها فقط إنَما هو يتغذَى من تخاذل المسؤولين وأصحاب القرار الذين يتهاونون في القيام بدورهم الفعلي للحد من الجريمة بمختلف أنواعها فلا تزال القوانين والأحكام وحتَى البرامج التربوية مجرَد حبر على ورق يقابله صمت رهيب من قبل ضحايا الإغتصاب الناتج عن زنا المحارم بسبب الخوف من مجتمع يقوده قطيع من الذئاب الشرسة التي يبدو أنَه لا رادع لها غير الله خاصَة إذا ما تأمَلنا التهاون الفظيع أمام شناعة هذا الجرم المخالف للطبيعة الإنسانية والفطرة السليمة التي فطرنا الله عليها ولكن وللأسف ما خفي كان أعظم وقانا الله وإيَاكم شوائب هذا الزَمن . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق