الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

ما لاتعرفونه عن أصدقاء العالم الإقتراضي !




تغيَرت الحياة والعلاقات مع تغيَر واقعنا الذي أصبحت تسيطر عليه التَقنيات التكنولوجية الحديثة التي والحق يقال جعلت حياتنا أسهل بكثير ممَا كانت عليه في الماضي ، فاليوم لم نعد نبحث عن الأصدقاء في فضاءات التَرفيه أو في وسائل المواصلات  (السفر) أو في الرَحلات السياحية ، المدرسية أو الجامعيَة فيكفي أن يكون لك حساب بأحد المواقع الاجتماعيَة ليكون لديك ألف صديق ، في بادئ الأمر يبدو الأمر طريف للغاية وممتع ولكن عند الغوص في خبايا هذه العلاقات نجد أنَها لا تقلَ خطورة عن تنزَه الشَخص بمفرده ليلا في مكان مهجور مليء بالمتنمَرين والمتمرَدين الأشرار ، فهل أنتم متأكدَون أنَكم تعرفون جميع الأشخاص الذين يظهرون على لائحة أصدقائكم بموقع الفيس بوك مثلا ؟ وهل هؤلاء أصبحوا اليوم أفضل من أصدقاء الطفولة و(الأيَام الخوالي) ؟

أصدقاء العالم الإفتراضي
 هم أشخاص غالبا ما تكون هويَتهم مجهولة وبطبيعة الحال نحن لا نتحدَث عن أصدقاء الواقع الذين نوطد علاقاتنا بهم عن طريق مواقع التَواصل الاجتماعي (أصدقاء الطفولة والدراسة ، أفراد العائلة والأقارب ) بل عن الأشخاص الذين يفاجئوننا بطلب إضافة رغم أننا لا نعرفهم ولم نقابلهم على أرض الواقع وهي ممارسات تحدث يوميَا ،  والطريف في الأمر أن هؤلاء غالبا ما تكون أسماؤهم غريبة الأطواركالمشتاقة للسعادة أو طير الأحزان ....إلخ والقائمة تطول ،  وبعد حدوث مجموعة من الجرائم والإنتهاكات التي طالت الطفولة والمراهقين دعت العديد من الجمعيات الأوروبية التي تعمل في مجال حماية الطَفولة إلى ضرورة تشديد المراقبة على الأطفال القصَر الذين يربطون علاقات بغرباء ، فيكونون فريسة سهلة للمرضى النَفسيين والمختلَين ( المثليين ، هواة ممارسة الجنس مع الأطفال ، القتلة المتسلسلين ، عصابات تجارة الأعضاء ......) ومجموعة لا يستهان بها من شياطين الإنس الذين يترصَدون بالأطفال الصَغار لتحقيق أهدافهم المريضة فمثَلت هذه الفضاءات الإفتراضية الأرضية المساعدة والأداة الدَاعمة لذلك ، ولعلَ هذه الممارسات من أكبر المضار التي قد تنجرَ عن وسائل الإتصال الحديثة .

ولم تصبح هذه المساحات الإفتراضيَة مرتعا للمضطربين فقط بل وأثَرت بشكل مباشر على علاقات الصَداقة التي تربطنا بأحبابنا في الواقع  فاليوم ، نادرا ما يلتقي الصديقان مباشرة أو يتبادلا الزَيارات بشكل مباشر ، فيكفي أن تلج إلى صفحتك الشَخصية على موقع الفيس بوك أو غيره للدردشة مع صديق إفتراضي ، أو صديق لم تلتقي به مباشرة ولكنَك تعرفه معرفة سطحيَة عن بعد ، فلم يعد التَعمَق في العلاقات مطلوب خاصَة وأن مجتمعنا أصبح غارقا في بحر قصص الخيانات وحكايات الغدر والخداع فلم نعد نميل إلى ربط علاقات متينة حتَى مع الأقارب .


فهل الصَديق الإفتراضي اليوم أفضل من صديق الواقع ؟

هذا السؤال تجيب عليه دراسة ألمانية حديثة، وقع من خلالها إجراء إختبار لمعرفة ما إذا كان الصديق الإفتراضي اليوم أكثر قربا  من صديق الواقع فتبيَن أن نسبة كبيرة  من الذين خضعوا لهذا الإختبارما تزال تفضَل الصداقات الواقعية  المباشرة ولكنَ المشكل يكمن في كثرة الإنشغال والعجز عن إيجاد الوقت لتمتين العلاقات وقد أظهرت هذه الدَراسة أنَ أصدقاء الواقع لا زالوا الرَقم واحد في حياتنا رغم مختلف التغييرات التي سادت واقعنا .
 هذه النتيجة تطابقت خاصَة مع فئة الأطفال والشباب الذين يتواصلون مع العديد من الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي بالإنترنت ولا يعرفونهم على أرض الواقع حيث إعترفت نسبة كبيرة من الأطفال الذين أجريت عليهم هذه الدَراسة أنَهم يقيمون علاقات عديدة عن طريق الأنترنت ولكَنهم لا يميلون إلى كشف أسرارهم أو الحديث عن حياتهم الشَخصية معهم ويرون أنَ أصدقاء الواقع هم الأفضل في هذه النَقطة .


هذه النَظريَة دعمتها دراسة لأخصائي علم النفس التنموي "ميشائيل غلور" التَابع  لجامعة بيليفيلد الألمانية، التي توصَل فيها  إلى نفس النَتيجة وهي أنَ أصدقاء الواقع أفضل بكثير من أصدقاء العالم الإفتراض وذلك من خلال إستطلاع يتبع نفس الدَراسة  أجراه على قرابة 1900 طفل في مراحل  ومستويات مختلفة من التعليم المدرسي مع العلم أنَ عمليَة إختيارهم كانت عشوائيَة ، ورغم ذلك فإنَ أغلب الأطفال أكَدوا عدم إرتياحهم لأصدقاء العالم الإفتراضي وأنَهم يفضَلون تقاسم وتبادل أسرارهم مع أصدقاء الواقع أي الذين تربطهم بهم علاقات وطيدة وعميقة كأصدقاء الطَفولة والدراسة أو أصدقاء الأرحام (بنات الخالات ، أولاد العم ........) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق