الاثنين، 21 نوفمبر 2016

الأنترنت وعالم الواب ودوره في برود العلاقات الإنسانيَة










صحيح أنَ الثَورة التَكنولوجيَة التي يمرَ بها عالمنا اليوم أمر جنوني ودليل قاطع على قدرات العقل الإنساني المذهلة ولكنَ هذا الأمر كغيره من الأدوات والتَكنولوجيات الحديثة التي لها آثار جانبيَة قد تكون خطيرة في بعض الأحيان على الجسم والحياة الإجتماعية للإنسان فاليوم لم تعدَ زيارات الأقارب والأصدقاء بالأمر الضَروري فتكفي معايدة بسيطة في شكل بطاقة إلكترونيَة متحرَكة تحوي بعض الألوان لتهنئة شخص عزيز علينا أو صديق حميم ، وكم يكون الأمر محزنا عندما تكون التَهنئة لأم أفنت حياتها في تربية أبنائها أو لأخ كبير عاش لسنوات طويلة في خدمة إخوته الصَغار ، لذلك هناك سؤال يطرح نفسه لماذا كلَما تقدَمنا في تكنولوجيات الإتَصال الحديثة وفي مختلف المجالات التي تطالها التكونولوجيا تزداد حياتنا توتَرا وبرودا؟ ويكون الوقت أكثر ضيقا  فيصبح اللقاء المباشر صعب فلم نعد نرى عناق الأقارب إلاَ في برامج الواقع أو في بعض المسلسلات والأفلام الدرامية (المصرية ، التركية ، الهندية .....) ونقول بعض لأنَ أغلبها أصبحت مرتعا للعنف والتَناحر .


الفايس بوك وتأثيره السَلبي على العلاقات


من خلال أغلب الدَراسات المنجزة في هذا السيَاق بيَنت أغلبها أن مواقع التَواصل الإجتماعي على غرار  الواتس آب والسكايب وعلى وجه الخصوص موقع الفيس بوك الذي لا يمكن لأحد أن ينكر إنتشارها الشديد بين مختلف فئات المجتمع (أطفال، مسنَين، بالغين ....) فمن السَهل أن تدخل اليوم وتنشأ حسابا خاصَا بك في مختلف هذه المواقع والغريب في الأمر أنَ هذه الفضاءات لا تحتوي على أيَة ضوابط أمنية تمنع القصَر مثلا من إرتيادها ولعلَ هذا ما يفسَر لنا اليوم جرائم الإنتحار الجماعيَة التي أصبحنا نسمع عنها بشكل يوميومستمر لتنذرنا أنَ الأمر قد تخطَى مجرَد موقع للتَواصل وربط علاقات إنسانيَة راقية ومفيدة بل أصبح خطيرا ويستوجب نظاما وقائيَا كاملا للقضاء على مثل هذه الكوارث البشريَة التي أصبحت تفوق الكوارث الطَبيعيَة في بشاعتها وغرابة حيثيَاتها.
وحسب دراسة أجريت في أوروبا على عيَنة من الطلاَب والموظَفين، تبيَن إنتشار هذه الممارسات المفرطة بين الفئات العمريَة التي تتراوح بين 12 و25 سنة، وهم في أغلب الأحيان تلاميذ المعاهد الثَانويَة والجامعيَة أي الذين لم يتعوَدوا بعد على تحمَل المسؤوليَة التَامَة ولا يمتلكون القدرة الكاملة على التَمييز بين الخطأ والصَواب.

هذا فيما يخص الأطفال والشَباب الذين يعتبرون أغلب روَاد الشبكة العنكبوتية والذَين يستعملون مواقع التَواصل الإجتماعي بشكل مفرط أمَا البالغين فقد أصبحوا يعوَلون على هذه المواقع في أدق تفاصيل الحياة (البيع والشَراء، التسويق، في التَواصل) فكلَ شيء اليوم من الممكن أن يمر عبر مواقع الواب الاجتماعية وهذا ما يبرَر ارتفاع نسبة الجرائم الإلكترونيَة التي تقع بسبب الإستعمال المفرط لهذه المواقع (السَرقات الإلكترونيَة كسرقة الأرقام السريَة لبطاقات الإئتمان البنكيَة و الإنتحال الإلكتروني للشَخصيات)  وغيرها من الإنتهاكات التي تضرَ بروَاد الواد و خاصة روَاد المواقع الاجتماعية إلى درجة أنَها قد تتسبب لهم بخسائر ماديَة كبيرة وقد تكون هادمة لحياة البعض ، ويبقى السَؤال القائم هو إلى متى هذا الصَمت والخمول أمام سلبيات هذه المواقع وباقي الفضاءات التي لها علاقة بعالم الواب والتَطور التكنولوجي ؟ إلى متى نبقي على حريَتها المطلقة دون وضع ضوابط تقنَنها وتجرَم كل من ينتهك هذه الضَوابط والإجراءات القانونيَة ؟
فلا بدَ لنا من محاولة القضاء على الجفاف الإنساني والبرود  الذي يعصف بأغلب علاقاتنا لكي نتمكَن من الإنتفاع بفوائد هذه التقنيات والتلذَذ بزبدتها دون أن نزداد بعدا عن إنسانيتنا أو نضخَم الهوَة التي أصبحت موجودة بيننا خاصَة وأنَنا  اليوم ، أصبحنا نعيش في عالم إفتراضي خالي من القيم الإنسانيَة ومجتمع يرتكز على المكننة وتأليه المادَة وجعلها فوق كل الإعتبارات .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق