بمجرَد أن تسمع بأحداث العنف المتواترة التي تحدث يوميَا ببلادنا يبدأ سؤال وحيد بمراودة ذهنك ألا وهو إلى متى يستمرَ شلاَل الدم هذا ؟ جرائم قتل وإغتصاب ، سرقة وتحيَلات بالجملة فحتَى عالم الطَفولة البريء طالته يد القتلة والمجرمين من قتل للأطفال وتنكيل بهم ، مجتمع تكاد تنعدم فيه مشاعر الرَحمة فصارت الأم الحنون التي كانت في الماضي تجيء على الأخضر واليابس لتنقذ أطفالها من الخطر هي نفسها مصدرا لأذية الطفل حيث إنتشرت قضايا قتل الأمهات والآباء لأبنائهم دون رحمة أو شفقة وهذا ما تؤكَده حوادث من واقع الحياة ، وما أن إستفاق المواطن التونسي العادي والطبيعي من وقع صدمة الأب الذي أقدم على قتل إبنته بعد أن حرمها من الأكل والشرب لمدَة تتجاوز الشهر وتركها تموت جفافا وهي مكبَلة تفترش قساوة الأرض برزت ظاهرة عنف أخرى ورغم أنَها أقلَ وطأة من جرائم القتل المذكورة إلاَ أنَها لا تقلَ خطورة عنها لأنَها تضرب أهمَ شيء يحتاجه الإنسان ليشعر بإنتمائه ووطنيَته وهو الشَعور بالأمن والأمان بين أحضان الوطن ، فكيف للمواطن التونسي اليوم أن يطمئن على أطفاله وأبنائه ونفسه وبيننا وحوش آدميَة لا تعرف الخوف ولا الحرام والحلال ؟ كيف لنا أن نستطعم فرحة أو سعادة عندما تغتصبها الذَئاب وتطعنها سيوف المعتدين ، وهذا ما يحدث تماما في مجتمعنا التونسي فكيف ذلك ؟
يقول اللَه عزَ وجلَ في كتابه الكريم "وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" فالمواطن التَونسي اليوم قد يخرج من بيته بنيَة حضور حفل زفاف ومشاركة عزيز فرحته أو إجراء إمتحان لتحقيق حلم النَجاح فيجد نفسه في مواجهة مباشرة مع خطر الموت وهو موقف يفرضه عليه إجبارا لا إختيارا أشخاص أقل ما يمكن أن يقال عنهم قتلة و مرضى نفسيين .
وهذا ما حدث فعلا في حادثة حفل الزَفاف التي وقعت بين يوم الأحد 29و30 أكتوبر 2017 حيث تمَ تحوَل هذا الحدث السَعيد إلى عمليَة سطو كبيرة "براكاج " أسفرت عن العديد من المتضررين والجرحى نقل عدد منهم إلى المستشفى لتلقَي العلاجات والإسعافات اللاَزمة بعد أن هاجمهم ما يقارب 100 شخص يحملون أسلحة بيضاء خطيرة (سيوف ) بهدف السطو والسَرقة وقاموا بتعنيف كلَ من حاول التصدي لهم وحسب تصريحات الحاضرين والمتضررين فإنَ هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها وأنَ أحداثا مماثلة تقع بإستمرار في هذه المنطقة .
والغريب أنَ حوادث البراكاج إرتفعت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة أهمَها حادثة الطَعن (طعنات على مستوى الأمعاء والكبد ) التي تعرَض لها تلميذ الباكالوريا عندما كان في طريق العودة إلى المنزل بالكرم على يد شخص له سوابق عدلية شهر "كشة " ورغم أنَ هذا الأخير قدَمت ضده العديد من الشكايات إلاَ أنَه كان في حالة سراح وعلى مرأى ومسمع رجال الشَرطة ، وضع يجعلك تتساءل ألف سؤال حول طبيعة عمل رجال الأمن في هذه المنطقة وفي تونس بشكل عام فكيف لمجرم من المفروض أن يكون مسجلَ خطر أن يصول ويجول في الشَارع و يروَع المتساكنين ، يسرق هذا ويهدد ذاك ولا يقع إعتقاله أو حتَى محاولة جلبه للتحقيق ؟
وضع يجعلنا نطرح آلاف التساؤلات التي لا نجد لها مجيب وهي : هل نعيش إنفلاتا أمنيَا ناتجا عن تقصير واضح من قبل الجهات المعنيَة ؟
أم أنَ الفقر والحاجة حوَل البعض إلى ذئاب جائعة وقطَاع طرق لا يخافون أحدا ولا رادع لهم ؟ أمَ أنَ الوازع الدَيني والخوف من الله قد حوَلهم إلى وحوش دامية خالية من الإنسانيَة ؟
لا بدَ من معرفة الأسباب لأنَ ذلك من شأنه أن يساعد في إيجاد حلول من شأنها أن تقلَل من هذه الظَواهر الخطيرة التي أصبحت تهدَد أمن المواطن في عقر داره .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق