هي إمرأة وصفوها بأبشع الصفات وآلموها بأقسى الكلمات بسبب قبح ملامحها ومظهرها رغم أنَ ذلك شيء لا حول لها ولا قوَة فيه ، فأصحاب العقول الصَغيرة يرون جمال المرأة أهم ما فيها وينسون أنَ الجوهر هو الأبقى ، فمن قال أنَ الجمال وحده يكفي لتكون مثاليَة وتحصد إعجاب الآخرين ، ليزي فيلاسكيز لقَنت الأشخاص الذين سخروا من قبحها درسا لا ينسى في القوة والثقة بالنفس وعلَمتهم أنَ القبح يقبع في القلوب المريضة والسطحية وحوَلت تجربتها القاسية إلى قصَة يعتبر منها الأشخاص الذين عانوا الكثير بسبب قبحهم ، عيوبهم وعاهاتهم التي لم يختاروا أن يصابوا بها وهذه هي الحكاية بإختصار :
ليزي فيلاسكيز هي شابَة أميركية من ولاية تكساس ولدت بمتلازمة "بروجيرويد"، وهو مشكل وراثي يجعل الإنسان يبدو أكبر سنَا ويؤثَر بشكل مباشر على العظام، العضلات، العيون، القلب، الدماغ، إضافة إلى تأثيره الكبير أيضا على شكل الجسم ووزنه حيث تمنع هذه المتلازمة الشخص المريض من إكتساب وزن طبيعي ومتوازن.
ومنذ طفولتها ونعومة أظفارها كانت فيلاسكيز تتعرَض لسخرية الآخرين بسبب قبح وجهها ونحافتها المفرطة والمرضيَة لطالما راودها نفس السؤال في باطنها "لماذ أنا؟ " ولكنَها سرعان ما تستمدَ قوَتها وتلملم أشلاء قلبها المجروح من زجاج الكلام الجارح والقاسي الذي كانت تسمعه بإستمرار من القريب والبعيد، كان من الممكن أن تقع ليزي فيلاسكيز بين أنياب آفة الإكتئاب وربَما كان بإمكانها الإنتحار لإنهاء هذا العذاب ولكنَها كانت أقوى من أن تكون ضحيَة ضعفها وتخسر حياتها بسبب تفاهة العقول وقبح الأرواح.
بدأت معاناتها منذ 10 سنوات عندما فتحت ليزي بريدها الإلكتروني لتنصدم برابط فيديو على اليوتيوب يعرض صورها بهدف السَخرية منها يحمل عنوانا كان وقع كلماته عليها كسكَين جارح إخترق أوردة قلبها المنهك من الألم والإقصاء الاجتماعي وهو "أقبح إمرأة في العالم "والأدهى والأمر أنَ هذا الفيديو لاقى رواجا كبيرا في صفوف روَاد الواب والأنترنت من حيث نسب المشاهدة، بل وصل الأمر بالبعض من الأشخاص إلى تشجيعها على الإنتحار وإنهاء حياتها لكي تريح العالم من قبحها على حدَ قولهم ، لم تكن مواجهة هؤلاء الأشخاص بالمهمَة السَهلة ولكنَ ليزي كانت تدرك تماما أنَ الإستسلام واليأس ليس الحل خاصَة وأنَها تملك قلبا محبَا للحياة ومفعم بالأمل رغم كل التحديات والظروف الصعبة .
وأكَدت ليزي في لقاء لها مع الصحيفة العالميَة الشَهيرة " ديلي ميل " أنَ مهمَتها لم تكن سهلة فمن الصعب على الإنسان تحمَل قسوة القلوب والألسن السَاخرة فالأمر تطلَب منها سنوات طويلة لتتعلَم التعايش مع وضعها فسعت ليزي إلى أن تصنع الفارق وتكون نموذجا للشجاعة والتحدي ومثالا يعود بالنفع على الأشخاص الذين حطَمت حياتهم سخرية وقسوة الآخرين بسبب عيوب لا حول لهم فيها ولا قوَة فتحوَلت المحنة إلى منحة و عبارات الإحباط واليأس التي كانت تحيطها أصبحت دافعا وحافزا يزيد من رغبة ليزي في تحدي قبحها والأشخاص الذين يذكرونها به في كل ثانية ، فأصبحت تتعامل مع بشاعتها كأنَها خاصيَة تجعل منها إمرأة مميَزة غير كل نساء العالم فكلَما زادت الإنتقادات اللاَذعة قسوة كانت ليزي تتعمَد نشر صورها وهي في أفضل حالاتها فلم تكن الإبتسامة الحيويَة السعيدة تفارق ثغرها في كل صورها ، صور كانت تستفزَ أعداء السعادة الذين لم يدخروا جهدهم في محاولة إحباطها والسخرية منها.
ليزي عندما كانت طفلة |
ولكنَ ردَ ليزي كان أرقى بكثير فبعد مخاض الألم والمعاناة ولد من رحم أحزانها إبداع ألهم العديد من الأشخاص ومنحهم الأمل والرغبة في تحدَي اليأس والإقصاء فقامت بإصدار وثائقي يروي مختلف تفاصيل قصة حياتها بدقَة فكشفت ملامح رحلتها المجهدة مع السخرية والاستهزاء الذي واجته خاصَة في جميع المواقع الإلكترونية وفضاءات الواب .
أطلقت فيلاسكيز على كتابها عنوان يحمل عبارة"قلب شجاع" الذي لاقا رواجا كبيرا في كامل أنحاء أستراليا والعالم بأسره فكانت رسالة ليزي واضحة وصريحة إلى كل من تسوَل له نفسه السخرية من الآخرين ويستمتع بتجريح من هو أقل منه وأنَ النجاح والنجومية ليسا حكرا على الجميلات فقط لأنَ الجمال الحقيقي يكمن في بواطن الأشياء ومعناها وليس ما ظهر منها فقط وأنَ التحلي بالشجاعة في مواجهة المواقف العصيبة والتسلح بالثقة هي أقوى الأسلحة المعجزة ضدَ فقراء الأدب والإنسانيَة ،وأنَه مهما بلغ مستوى القبح أو التشوه يبقى الإنسان إنسان وإحترام مشاعره وكيانه حق مستحقَ أمَا المظهر فهو مجرَد ملصقات غالبا ما تكون كاذبة وخادعة تخفي عنَا حقيقة الأشخاص و مستوى صدق النوايا .
ليزي أفضل من غيرها بكثير فلم تفكَر حتى في اللجوء إلى عمليات التجميل ليقبلها المجتمع بل فضَلت مواجهة العالم بوجهها القبيح وإظهار جوانب جميلة في شخصيتها وهي الشجاعة، الصدق مع النفس وتقبل الذات وتحمَل قسوة الآخرين بكل حكمة وتسامح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق